الجزء الثامن
أخــي وأخـتـــي في الله :
إن الواقع يشهد أن الاختلاط بين الجنسين يكسب الفتاة نوعاً من الجرأة بمجالسة ومخاطبة الرجال ، ويزيل الحواجز بينهما ، ثم يصبح الحياء أملا منشوداً ، وقصصا وحكايات لا تتعدى سير الصحابة والتابعين.
( المدارس المختلطة ) وإن كانت في مرحلتها الإبتدائية إلا أنها من الخطورة بمكان ، فهي لم تقف إلى هذا الحد. بل نرى الآن (الاختلاط على مستوى الجامعة )
ثم مراحل أخرى نتعداها إلى مرحلة ( حقوق المرأة ) ثم ( عمل المرأة ) ثم ( المساواة ) ثم أحقيتها في ( المشاركة في المجالس النيابية والسياسية) ثم رأينا مَن تطالب بــ(الولاية العامة) و(الرياسة ) وإلى غير ذلك مما لا يخفى علينا.
ثم إذا أشرفت الفتاة على الزواج , نجد أنها تـُزفّ إلى زوجها ولا تعلم من حقوق وواجبات الزوج شيئا ، فضلا عن كيفية التودد والمعاملة الحسنة والعشرة الطيبة .
إليكم هذه السلسلة من الأحاديث التي تقشعر منها الأبدان ، ولنتعلم منها :-
الحديث الأول
حياء أسماء (رضي الله عنها)
حديث أسماء ( رضي الله عنها )
تقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما :
(( تزوجني الزبير ، وما له في الأرض من مال ولا مملوك ، ولا شيء غير ناضح لنا وغير فرسه ، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء ، وأخرز غربه وأعجن ، ولم أكن أحسن أخبز ، وكان يخبز جارات لي من الأنصار ، وكن نسوة صدق ، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على رأسي ، فلقيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ومعه نفر من الأنصار ، فدعاني ثم قال : (( إخ إخ )) ليحملني خلفه ، فاستحييت أن أسير مع الرجال ، وذكرت الزبير وغيرته ، وكان أغير الناس ، فعرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أني قد استحييت فمضى ، فجئت الزبير فقلت : لقيني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى رأسي النوى ، ومعه نفر من أصحابه ، فأناخ لأركب ، فاستحييت منه وعرفت غيرتك .
فقال : والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه)) .
(رواه البخاري)
الدروس المستفادة:-
أولا :
انظروا إلى أسماء رضي الله عنها ـ تقول :
فاستحييت منه : استحيت من الصادق الأمين ، استحيت من أأمن خلق الله على إماء الله .
فهل المرأة في زماننا إن تعرضت لما تعرضت له أسماء رضي الله عنها ستفعل فعلها ، وتستحيي كما استحيت .
ثانيا :
هل يوجد هذا النوع من الحياء في زماننا ، امرأة تستحيي من نبي الأمة ، الذي هو مَحْرَم لجميع نساء الأمة ، وزوج أختها.
( الله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ).
الحديث الثاني
حياء فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
عن أم جعفر بنت مقعد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالت : (( يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها )) فقالت أسماء : يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة، فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً.
فقالت فاطمة (رضي الله عنها):
((ما أحسن هذا وأجمله تعرف به المرأة من الرجل! فإن مت أنا فاغسليني أنت وعليٌّ، ولا يدخل عليّ أحد)) فلما توفيت غسلها عليٌّ وأسماء رضي الله عنهما)).
قال الألباني – رحمه الله – تعليقاً على الحديث : فانظر إلى فاطمة بضعة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كيف استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة، فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح، فليتأمل في هذا مسلمات هذا العصر اللاتي يلبسن من هذه الثياب الضيقة ثم يستغفرن الله تعالى، وليتبن إليه وليذكرن قوله صلى الله عليه وسلم : (( الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر. (رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) ))
(حجاب المرأة المسلمة – للألباني)
الحديث الثالث
عن علي بن أبي طالب : أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها ، وأتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) سبي ، فانطلقت فلم تجده ، ولقيت عائشة ، فأخبرتها ، فلما جاء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلينا ، وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبنا نقوم فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : (على مكانكما ) ، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري ثم قال : (( ألا أعلمكما خير مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضاجعكما ، أن تكبرا الله أربعا وثلاثين ، وتسبحاه ثلاثا وثلاثين ، وتحمداه ثلاثا وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم . رواه مسلم .
الدروس المستفادة باختصار:
أولا: – ما هو عمل فاطمة ( رضي الله عنها ) التي هي من أكمل النساء ، وبنت أكمل رجل على وجه الأرض ( لقوله صلى ا لله عليه وسلم ) كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع ، وذكر ( فاطمة ) .
فما هو عملها يا حفيدة فاطمة ؟
كما ترين بنت أعظم من يطأ على الأرض بقدميه ، التي تتمنى أشرف وأكرم امرأة فينا أن لو كانت خادمة لها ، تشتكي من تورم يدها ، ولم يستجب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بل دلها على خير من ذلك .
ثانيا: – استجابة على وفاطمة رضي الله عنهما . فلم يجادلا ، ولم يناقشا ، وانتهى الأمر .
الحديث الرابع:
حياء عائشة(رضي الله عنها)
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، هذا هو حياؤها .
تقول :
((تزوجني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لستِّ سنين ، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين .
ثم ذهبت إلى المدينة
قالت : فأتتني أم رومان وأنا على أرجوحة ، ومعي صواحبي فصرخت بي فأتيتها , وما أدري ما تريد بي ، فأخذت بيدي ، فأوقفتني على الباب ، فقلت ُ : هه هه ، حتى ذهب نفـَسي ، فأدخلتني بيتا ، فإذا نسوة من الأنصار ، فقلن : على الخير والبركة ، وعلى خير طائر ، فأسلمتني إليهن ، فغسلن رأسي وأصلحنني ، فلم يرُعني إلا ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ضُحىً فأسلمنني إليه )).
(رواه مسلم)
انظروا... لم يرعها إلا أنها وجدت النبي صلى الله عليه وسلم فانظروا الحياء , هي ما تعودت أن ترى الرجال , فاستحيت من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما رأته أمامها .
عائشة (رضي الله عنها ) : قال عنها عروة ابن الزبير : أنها كانت أعلم الناس بالحديث والشعر والطب . وغير ذلك
فهل علم الطب جعلها خرّاجة ولاّجة ، كما هو حال البعض ، والله ما علمنا عنها أنها كانت كثيرة الدخول والخروج ، بل كانت تقر في بيتها .
عن محمد بن سيرين قال : نبئت إنه قيل لسودة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) مالك لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك ، فقالت : قد حججت وإعتمرت وأمرني الله أن أقر في بيتي فوالله لا أخرج من بيتي حتى أموت ، قال : فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت بجنازتها.
- وأخرج أحمد ، عن أبى هريرة (رضي الله عنه) : أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لنسائه عام حجة الوداع هذه ثم ظهور الحصر قال : فكان كلهن يحجن إلاّ زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة وكانتا تقولان : والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وكانت عائشة (رضي الله عنها) إذا قرأت : وقرن في بيوتكن ، بكت حتى تبل خمارها
وإن نظرنا إلى الكتاب والسنة سنجد أن الله سبحانه وتعالى قال : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها )
قال : لتسكنوا .
فإذا دخل الرجل بيته وأراد سكنه ترى من الذي يعوضه ، وهل بخروجها أيا كان عملها هل حققت معنى السكن ؟
إن مدح النبي ( صلى الله عليه وسلم ) للنساء تجده غالبا من منطلق لزوم بيتها
قال صلى الله عليه وسلم :
((نساؤكم من أهل الجنة ، الودود , الولود ، العؤود على زوجها ( أي: تعود عليه بالخير والنفع ) التي إذا غضب زوجها جاءت حتى تضع يدها في يده ، وتقول لا أذوق غمضا حتى ترضى)) .
(رواه النسائي وحسنه الألباني)
وقال صلى الله عليه وسلم :
((خير نساء ركبن الإبل : صالح نساء قريش ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده)) .
فسعادة المرأة أن تقر في بيتها ، وأن تتمسك بحيائها ، وأن لا تسمح لأي يد غريبة أن تربي أولادها .